تطرقنا أكثر من مرة إلى واقع التربية و التعليم في منطقة عفرين بعد الإجتياح التركي برفقة الميلشيات المسلحة الموالية لها ، لما لها أهمية في إعداد و تكوين الجيل الصاعد و تأمين مستقبل مشرق لحياتهم العلمية و المهنية ، و تأطيرها في خدمة المجتمع و تطويرها من كافة الجوانب الإنسانية و الأخلاقية ” علمياً و ثقافياً و إقتصادياً و إجتماعياً ” . إلا أن حكومة الإحتلال التركي سعت و ما زالت تسعى بكل الوسائل الممكنة بالإعتماد على أدواتها إلى أدلجة النظام التربوي و التعليمي و ترسيخ الأسلمة ، خاصة في المرحلة الإبتدائية منها ، إذ بدأت بالقضاء على المناهج القديمة التي أعتمدتها الإدارة السابقة التي تتشابه إلى حد ما مع ما يعتمدها حكومة الإحتلال التركي من الناحية الأيديولوجية بمسارين مختلفين في ضياع المستقبل العلمي للطلاب ( تغيير المنهاج من أيدبولوجية فلسفة أوجلان _ إلى منهاج أدلجة الدين الإسلامي و إعتماد أفكار الإخوان المسلمين ، المتشددة التكفيرية ) ، المنهجين المشوهين للأسس العلمية المعتمدة عالمياً بما فيها منهاج التربية و التعليم في تركيا ، و ربط الإيديولوجية بالرموز العنصرية _ الشوفينية ، ( إشارة الذئاب الرمادية ) .
لقد عملت حكومة الإحتلال التركي منذ البدء على فصل المعلمين والمعلمات الكُرد بذرائع واهية ” التعامل مع الإدارة السابقة ” و تعيين المستوطنين بدلاً عنهم بالرغم من عدم إمتلاكهم الشهادات العلمية التي تتطلب القيام بوظيفة التربية و التعليم ، و إنما قامت بتعيين ممن يرددون غيباً بعض الآيات القرآنية ، معلمين في المدارس و مسؤولين في التربية والتعليم ، بغض النظر عن ماضيهم المشوه و إرتباطهم بالتنظيمات الإرهابية ” هيئة تحرير الشام _ جيش الإسلام _ داعش ” ، إضافة إلى تكثيف الحصص التدريسية المتعلقة بمادة الديانة الإسلامية ، التي تدرس حصتين منها عالمياً في الأسبوع ، بل جعلت عدد ساعاتها بحدود سبعة حصص في الأسبوع ، بإضافة تدريس الشؤون المتعلقة بالسيرة النبوية و تحفيظ القرآن و دراسة الفتاوي الدينية و شرحها ، إن تكثيف الحصص الدينية سيخلق جيلاً إسلامياً عقائدياً تكفيرياً متشدداً و متطرفاً ، و هي السمات المميزة لتيار الإخوان المسلمين ، و منها ممثلي المعارضة السورية بشقيه السياسي و العسكري معاً . و كذلك تم فرض تعلم اللغة التركية على الطلاب ، بعدما تلقى الإسلاميون السوريون دورات مكثفة إلى جانب بعض التركمان الموالين لهم ، الذين كانوا في السابق يمتهنون الحرف في الورشات الصناعية ، ليكونوا معلمين و قدوة للطلاب مستقبلاً ، إلى جانب إعتماد وسيلة تشجيعية بإستقطاب الطلاب الصغار سواء كان بتقديم الهدايا الرمزية لهم أو تكريمهم بعد الخضوع لدورات تحفيظ القرآن و تلاوته و ترديد الأناشيد الدينية ، و حثهم على حضور الصلاة فجراً ، و ما القرار الأخير لوزارة التربية و التعليم في الحكومة السورية المؤقتة بخصوص مادة التاريخ و إضافته للمناهج الدراسية يدخل في إطار التطرق بشكل أولي لما تسمى بالثورة السورية من منظار الخلافة العثمانية _ و المنظار الديني المتشدد _ التكفيري . و في حال إهتمام الحكومة التركية و الحكومة السورية المؤقتة ، بمستقبل الطلاب علمياً و ثقافياً ، فمن الأجدر أن تحاول حكومة الإحتلال التركي توسيع مجال التربية و التعليم و ترميم المدارس التي دمرتها بشكل كلي أو جزئي نتيجة القصف ، و تأهيلها و دعمها بالكوارد المختصة ، بدلا من ذلك قامت بتحويل ما يقارب 45 مدرسة إلى مقرات عسكرية لجنودها و الميلشيات المسلحة الموالية لها . و قامت بوضع خطط بإنشاء الجوامع في أغلب القرى و تشجيع سكانها على الصلاة و حضور الدروس الدينية بعد تعيين أئمة جدد عوضاً عن الأئمة الكُرد الذين تم فصلهم لأسباب عنصرية _ شوفينية .
من واقع موظفي التربية والتعليم في منطقة عفرين
تم تعين القاضي سابقاً لدى جيش الإسلام في الغوطة المدعو خالد طفور الملقب أبو سليمان ، رئيساً لقسم التوجيه التربوي في مديرية التربية و التعليم بمنطقة عفرين ( بموافقة و تزكية من رئيس المجلس المحلي الأستاذ المهندس محمد سعيد سليمان ) ، القاضي الذي حلل زواج رفيق دربه المدعو أبو النصر بزواجه الرابع من زوجة رفيقه الآخر أبو نجيب في أوج معارك الغوطة ، و هو نفسه الذي أدى دور الخطيب في إفتتاح مسجد عرب ويران قبل أشهر ، و كما يدعو إلى تغيير نمط و شكل ملابس الطالبات في المدارس ( حجاب _ جلباب _ كفوف ) .
واقع تعليمي مأساوي يعانيه سلك التربية و التعليم في مدينة عفرين بوجود مسؤولين ذو توجهات إسلامية تكفيرية متشددة ينتمون إلى جماعة ” الإخوان المسلمين ” .
منظمة حقوق الإنسان في عفرين
16/05/2021
