مناشدة العودة

 

من قام بتنفيذ عملية التهجير و التغيير الديموغرافي قبل الإجتياح التركي و إحتلال منطقة عفرين ، و قتل المناهضين لسياساته و إعتقال كوادر الحركة الوطنية الكُردية و النشطاء المدنيين ، و الضغط على الأهالي ، هم أدوات و شركاء من أرادوا تنفيذ مخطط إقتلاع الكُرد من أراضيهم .

الحلقة الثالثة
========

عندما نريد الغوص بشكل أدق لمجمل تفاصيل العملية العسكرية التركية ” الإجتياح التركي ” لمنطقة عفرين لا بد لنا العودة قليلاً إلى الربع الأخير من عام 2016 و دخول قوات الإحتلال التركي إلى كل من المناطق التالية ( إعزاز _ الباب _ جرابلس ) تحت مسمى عملية درع الفرات ، إذ حُظيت القوات التركية في تلك المناطق بإستقبال لا مثيل له من قبل مناهضي النظام السوري بشقيه السياسي و العسكري ، كأنهم أبطال قاموا بتحرير مدنهم من إحتلال النظام السوري و أطلقوا على الأتراك تسمية ” المحررين ” و إلى حد ما بالفاتحين ، و لذلك أبدوا إستعدادهم ( الإستسلام ) التام لكل ما تقرره حكومة الإحتلال التركي في الإجتماعات و ما تعقده من إتفاقيات مع القوى الدولية و الإقليمية ” أستانة _ سوتشي ” في تلك الأثناء أعلن الناطق الرسمي بأسم قوات ypg في مدينة عفرين عن تشكيل ما يسمى ” المقاومة الوطنية السورية ” ضد الإحتلال التركي بالتعاون مع الجيش العربي السوري و ذلك بعد إنقاذ الضباط و الجنود السوريين من مطار منغ العسكري و تهريبهم عبر منطقة عفرين إلى نبل و الزهراء و من ثم حلب ، و بموجب الإتفاقيات المبرمة بين النظام السوري و حزب العمال الكُردستاني pkk عام 2012 و إنسحاب قواتها العسكرية و الأمنية و تسليمها إلى أعضائهم و أنصارهم من حزب الإتحاد الديمقراطي و الإيعاز لهم بتشكيل خلايا أمنية و تطوريها تدريجياً إلى تشكيلات عسكرية مصغرة و بسط سيطرتها المطلقة في القرى و البلدات ، بالإعتماد على العناصر الأكثر ولاءاً و إصغاءاً لكل ما يقرره الوافدين الغرباء الجدد من جبال قنديل المعروفين بأسم ” كادرو ” إلا أن القاعدة الشعبية الضعيفة ثقافياً و سياسياً و الأقل عددياً حولهم جعل المسيرين _ القائمين على تنفيذ الإتفاقية _ بالتنسيق مع النظام السوري بالتواصل مع أحد التيارات السياسية الكُردية الأوسع إنتشاراً في قاعدته الحزبية و قرباً من حيث المبدأ و إعتدال مواقفه حول النظام و إستخدامهم كوسيلة و مدخلاً لتوسيع قاعدته و بسط سيطرته المطلقة .
و نتيجة تطور الأحداث اليومية و إتساع القاعدة بشتى الأساليب سواء كان بإستخدام السلاح أو الإغراء و فرض التجنيد الإجباري و تشكيل الشبيبة الثورية ” جوانن شورشكر ” و تشكيل المؤسسات و المكاتب الإدارية وصولاً لإنتخابات البلدية بمشاركة حزب الوحدة الديمقراطي الكُردي في سوريا _ يكيتي _ كما أشرنا آنفاً ، تقليداً لمؤسسات النظام السوري و إعلان نفسها كسلطة أمر الواقع و التي تم تسميتها بأسم ” الإدارة الذاتية ” بتحالف الحزبين معاً ،
تكمن مهمة سلطة أمر الواقع ” الإدارة الذاتية ” بقمع المظاهرات و الإحتجاجات في المناطق الكُردية ضد النظام السوري و تحييد مناطقها عن المشاركة مع أبناء المناطق الأخرى ، سبق و أن أشرنا في توثيق سابق إلى قمع قوات ypg لحوالي 152 مظاهرة إحتجاجية في المناطق الكُردية ، و لذلك لجأ بعض الكُرد المناهضين للنظام إلى المشاركة مع بقية أبناء الشعب السوري في مظاهرات حلب ( الصاخور _ الحيدرية _ الهلك _ صلاح الدين _ سيف الدولة ) . و من ثم قامت القوات العسكرية التابعة للإدارة الذاتية بإعتقال كوادر الحركة الوطنية الكُردية و النشطاء و زجتهم في السجون و قتلت البعض منهم و أرتكبت المجازر بحق أهالي برج عبدالو خلال عائلة شيخ نعسان و غيرهم كثر ، وصولاً إلى تسليم عدد منهم إلى الفروع الأمنية للنظام السوري كما قامت بالضغط على الأهالي إقتصادياً و إحتماعياً من فرض الأتاوة و الجزية بأسم المساعدة ما عدا فرض الضرائب و الغرامات المالية و بالتالي فإنهم قاموا بتهجير أغلب المواطنين و فرارهم خوفاً من تجنيد أطفالهم إلى المدن الكبيرة ” دمشق _ حلب ” و قسم آخر إلى إقليم كردستان و تركيا وصولاً إلى أوربا ، بحيث قدر عدد المهجرين أثناء حكم سلطة أمر الواقع بحوالي 250 ألف مواطن من إجمالي عدد سكان مدينة عفرين عام 2017 المقدر بحوالي 700 ألف مواطن .
بل قامت بفتح المجال و بشكل ممنهج ، بإستقدام النازحين نحو منطقة عفرين ، الفارين من مناطق النزاع مثل حلب والريف الجنوبي و الشمالي و إدلب قدر عددهم بحوالي 130 _ 150 ألف نازح بدلاً من توجههم إلى مناطق درع الفرات المحرر أو إدلب الخاضعة لسيطرة ما يسمى الجيش الوطني السوري الحر .

يتبع ……

منظمة حقوق الإنسان في عفرين
07/05/2021