قدمت لجنة تقصي الحقائق الدولية تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان الدولية للدورة السادسة والأربعون خلال الفترة الواقعة بين 22 شباط – فبراير _ 19 آذار- مارس 2021 تحت البند 4 من جدول الأعمال لحالات حقوق الإنسان التي تتطلب الإهتمام بها .
بعد مرور عقد من الصراع الدموي السوري ، لا زال هناك عشرات الآلاف ، المدنيين من مختلف المكونات السورية العرقية و المذاهب الدينية ، ضحايا الإعتقال و الخطف التعسفي و تعرضهم للتعذيب النفسي و الجسدي ، بما في ذلك الجنسي من قبل مختلف أطراف النزاع دون إستثناء بدرجات متفاوتة من الأفعال و الممارسات اللاإنسانية و إرتكاب الجرائم ( النظام السوري _ حكومة الإحتلال التركي و المعارضة الموالية لها المناهضة للنظام _ سلطة أمر الواقع و قواتها العسكرية ” قوات الحماية الشعبية ” قسد _ هيئة تحرير الشام ” جبهة النصرة سابقاً ” _ تنظيم الدولة الإرهابي ” داعش ” ) خاصة إتجاه المحتجزين منهم ، سواء كان بعلم و تواطئ أو دون علم قياداتها ، من حجز الأفراد لأغراض الإبتزاز المادي و الرشوة و مكاسب مالية بتحصيل الفدية . و لم تحاول أطراف الصراع بأي شكل من الأشكال تحقيق العدالة ، بل قامت بإرتكاب الجرائم البشرية مما ساهمت تلك الإنتهاكات اللاإنسانية في إستمرارية النزاع و تقوية الجماعات الإرهابية ، لهذا طالب المتظاهرين بوقف عمليات الخطف و الإختفاء القسري و إطلاق سراح المحتجزين .
_ الجيش الوطني السوري الحر التابعة للحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني السوري
الجيش الوطني السوري الحر و الفصائل التابعة لها ” الميلشيات المسلحة ”
بما فيها المنضمين حديثاً عام 2017 ( حركة نور الدين الزنكي _ جيش الإسلام _ أحرار الشام ) و التي تدعمه تركيا ، أعتمدت في سلوكها ممارسة وأفعال الإنتهاكات اللاإنسانية بإحتجاز المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها و ممارسة العنف الجسدي و النفسي و الجنسي من خلال الإغتصاب ضد النساء و الفتيات و الرجال بهدف إنتزاع الإعترافات و المعلومات منهم و نتيجة الضرب و التعذيب الوحشي أدت في بعض الحالات إلى الوفاة أثناء الإستجواب و سوء المعاملة بسبب الظروف المعيشية اللاإنسانية المفروضة على السجناء و الإكتظاظ الشديد قد ساهم بوفاة آخرين إلى جانب تفشي الأمراض المعدية وسط المحتجزين ، موثقة بالصور الفوتوغرافية و أشرطة الفيديو و صور الأقمار الصناعية في مراكز و مرافق الإحتجاز ( أقبية المنازل _ مدارس _ معتقلات سرية _ قواعد عسكرية ) التي تديرها بتوجيه مباشر من الحكومة التركية . و منعهم من التواصل مع ذويهم و المحامين للدفاع عنهم .
كما قاموا بمختلف الإنتهاكات اللاإنسانية ضد نشطاء حقوق الإنسان و المناهضين لآرائهم .
هذا و قد بلغت ذروة الإنتهاكات اللاإنسانية عامي 2018 _ 2019 مع قيام أفراد الشرطة العسكرية ” الجيش الوطني السوري الحر ” بإرتكاب معظمها إلى جانب إحتجازهم ( يصادرون الأملاك العائدة ملكيتها إلى السكان الأصليين الكُرد و سرقة محاصيلهم و مواسمهم الزراعية و الماشية ) و طردهم من المنازل ، 87% من الضحايا هويتهم من الأقليات الدينية و الطائفية و الأثنية ( كُرد ) بحيث يتعرضون للضرب المتكرر و الشديد على يد الشرطة العسكرية أو المدنية و الفصائل التابعة للحكومة السورية و الإئتلاف الوطني السوري ، أثناء عملية الإستجواب بوجود الضباط الأتراك لإنتزاع الإعترافات بصلات مزعومة بالإدارة الذاتية السابقة ( سلطة أمر الواقع ) و يتم إحتجازهم في عدة سجون و معتقلات ( سجن عفرين المركزي _ سجن حوار كلس _ سجن سجو ” المعصرة ” _ سجن الصناعة في رأس العين ) ، و من جهة أخرى تزايدت أعداد النساء الكُرديات المختطفات خاصة الإيزيدية منهم و تعرضهم إلى الإعتداء و الإغتصاب و إجبارهم على الزواج القسري من العناصر المسلحة و المستوطنين كما أجري لهم إختبارات العذوبية .
” لكموني و ضربوني بالكابلات و قال لي المحقق إن الإيزيديين كفار و سوف نطردكم من أرضنا و سوف تموتين هنا ”
هذه الكلمات لإمرأة إيزيدية أُعتقلت في مقر الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري الحر في عفرين 2020 .
و هناك من بين المختطفين الكُرد أُجبروا على دفع الأموال بغرض إستعادة المسروقات من الأثاث المنزلي و الآليات من الجيش الوطني السوري الحر . ” الميلشيات المسلحة ” و من جهة أخرى تم نقل المواطنين الكُرد بما فيهم النساء المحتجزين لدى الجيش الوطني السوري الحر في المناطق الكُردية ( عفرين و سرى كانيه و كرى سبي ) إلى الأراضي التركية و محاكمتهم وفق القوانين والتشريعات التركية و هناك من أُطلق سراحه من القضاء لكن الجيش الوطني قام بإعادتهم إلى السجون بغرض الإبتزاز المادي و تحصيل الفدية
هذا و قد لاحظت اللجنة بأن تركيا تتحمل المسؤولية الكاملة في المناطق الكُردية الخاضعة لسيطرتها عن كفالة النظام العام والسلامة بقدر الإمكان و توفير الحماية للمواطنين خاصة النساء و الأطفال منهم و بحكم الإلتزامات المرتبطة بحقوق الإنسان في هذه الأراضي . إن إخفاق الحكومة التركية في منع التعذيب بوجود ضباطها و بعلم منها أثناء الإستجواب تكون قد أنتهكت الإلتزامات بموجب إتفاقية جنيف الرابعة الفقرة 46 ، إلى جانب ذلك عمليات نقل المواطنين السوريين المحتجزين من قبل الجيش الوطني السوري الحر إلى الأراضي التركية ، ترقى إلى جريمة الحرب المتمثلة بالترحيل غير القانوني للأشخاص موضع الحماية ( ترحيل قسري ) و كذلك حاولت اللجنة الحصول على المعلومات و المساءلة عن الممارسات و الإنتهاكات اللاإنسانية التي تقوم بها قواتها العسكرية إلى جانب الجيش الوطني السوري الحر الموالية لها إلا أنهم لم يحصلوا على المعلومات الكافية الحقيقية بالرغم من تقديم بعض المعلومات المتعلقة بالحالات الفردية سواء كان لأفراد مسلحين أو المستوطنين .
_ قوات سوريا الديمقراطية ” قسد ”
إلى جانب ما تم ذكره من الأفعال و الإنتهاكات اللاإنسانية التي قامت بها الميلشيات المسلحة ” الجيش الوطني السوري الحر ” من عمليات الخطف و الإحتجاز التعسفي و تعرضهم للتعذيب بشتى الوسائل قامت قوات سوريا الديمقراطية التابعة لسلطة أمر الواقع المتمثلة بالإدارة الذاتية و ملحقاتها في المناطق الكُردية الخاضعة حالياً لسيطرة حكومة الإحتلال التركي ( عفرين _ الباب _ سرى كانية _ كرى سبي _ جرابلس ) و المناطق التي ما زالت تحت سيطرتها ( كوباني _ عامودا _ قامشلو _ الحسكة ) بنفس الأفعال و الممارسات اللاإنسانية خاصة إتجاه أبناء الشعب الكُردي من سياسيين و نشطاء حقوق الإنسان و أعضاء منظمات المجتمع المدني و الأشخاص المناهضين لآرائهم و طريقة إدارتها المناطق المذكور أعلاه من تفشي الفساد و الرشوة و تعيين أشخاص غرباء ، في الإدارة العامة حسب الأفكار السياسية و الإيديولوجية العقائدية المرتبطة بالدول الإقليمية ، الغريبة عن المبادئ الوطنية والقومية المحلية ، علماً بأن ممارساتهم لا تختلف أيضا عن أفعال و ممارسات الحكومة السورية ( النظام السوري ) بحكم إتباعها نفس الأساليب و قواتها العسكرية رديفة للقوات العسكرية التابعة النظام السوري ، و ما زال هناك العشرات من الأشخاص المختطفين ” سياسيين _ نشطاء منظمات المجتمع المدني ” تعسفياً في معتقلات سرية مصيرهم مجهولاً و يمنعون ذويهم من التواصل معهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم . إضافة إلى قيامهم بتجنيد الأطفال القصر و زجهم في الحروب ضد تنظيم داعش الإرهابي و معارك وهمية تتطلبها الظروف الذاتية و الإقليمية لإستمرارية الإحتلال التركي للمناطق الكُردية بل توسيع مساحة الأراضي المحتلة من خلال القيام بالعمليات الإستفزازية سواء كان بتسلل أفراد أو إطلاق عدة قذائف في مناطق زراعية خالية أو الأماكن السكنية المأهولة بالسكان الأصليين الكُرد بحجة التحرير ، أو من خلال المسيرات الإحتجاجية المعبرة عن تدهور الحالة المعيشية و الصحية و التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها بهدف الحصول على المساعدات الإنسانية و الإغاثية تبعا لمنافع شخصية و المتاجرة بدمائهم ، كما أنهم يتخذون من أبناء الشعب الكُردي في مختلف المناطق دروع بشرية لحماية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري بمنعهم من العودة إلى قراهم و بلداتهم و تمرير أجنداته و أجندات الدول الإقليمية ( تركيا _ إيران _ العراق ) إتجاه حرية و حقوق الإنسان و القضية الكُردية بشكل عام من إحداث التغيير الديمغرافي و إفراغ المناطق الكُردية من سكانها الأصليين .
هذا و قد وثقت اللجنة في تقريرها أثناء المقابلة مع إحدى النساء ما يلي ” لن يتغير اي شيئ و سوف تبقين هنا حتى تموتين ” إمرأة من مخيم الهول بالحسكة .
كما أن تقرير اللجنة تطرقت بشكل تفصيلي إلى ممارسات و أفعال النظام السوري و داعش و هيئة تحرير الشام التي تتشابه مع ما قامت بها الميلشيات المسلحة و قسد في مناطق سيطرتها مع ملاحظة بأن النظام السوري فاق في ممارساته ممارسات بقية أطراف النزاع من تدمير و تهجير المواطنين السوريين من مناطقهم .
منظمة حقوق الإنسان في عفرين
05/04/2021