عقب مرور ثلاثة أعوام على إحتلال القوات العسكرية التركية لمنطقة عفرين برفقة الميلشيات المسلحة الموالية لها ، التابعة للحكومة السورية و الإئتلاف الوطني السوري بعد معركة دامية غير متكافئة أستمرت قرابة الشهرين أستخدمت من خلالها مختلف أنواع الأسلحة الجوية و البرية من طيران حربي و مدرعات و المشاة مع قوات الحماية الشعبية ypg التابعة لسلطة أمر الواقع المتمثلة بالإدارة الذاتية المكونة من تحالف عدة أحزاب و تيارات فكرية و منظمات موالية للنظام السوري ، قوات الإدارة الذاتية التي أصرت على الدخول بالمعركة تنفيذاً و تلبية لأجندات إقليمية و دولية معادية لتطلعات الشعب الكُردي في كُردستان سوريا و ما يرافقها من إرتكاب جرائم الحرب و الإبادة الجماعية والتطهير العرقي و التهجير القسري و الإستبدال الثقافي و الديني و التدمير الواسع في البنية التحتية للمجتمع الكُردي ، كما أجبرت الإدارة الذاتية أبناء الشعب الكُردي في المنطقة على النزوح بشكل قسري من قراهم و بلداتهم نحو مدينة عفرين و منها إلى منطقة الشهباء و القرى المحيطة بها بعد زرع الألغام وسط المنازل و الحقول و الطرق الرئيسية لضمان عدم العودة و قتل ممن رفضوا الخروج بهدف جعلهم رهائن للمتاجرة بدمائهم و إستخدامهم كدروع بشرية للمناطق الموالية للنظام السوري و الإيراني .
إن إحتجاز أهالي منطقة عفرين في منطقة الشهباء زادت من أوضاعهم سوءا من حيث فقدان المواد الغذائية الأساسية و الأدوية و المحروقات و الغلاء الفاحش و تفشي الأمراض و البطالة و إجبارهم على الخروج بالمظاهرات و الإحتجاجات و حمل صور أوجلان و أعلام بشتى الألوان و ترديد شعارات بعيدة عن مآسي شعبنا و تكليفهم بمهمات تناسب مقاومتها العصرية الوهمية .
و عقب السيطرة الكاملة على منطقة عفرين بتاريخ 18/03/2018 أجبرت القوات المحتلة أبناء المنطقة ممن تبقوا على الرحيل و ترك ممتلكاتهم للمسلحين . و أغلقت الميلشيات المسلحة بتوجيه من الإستخبارات التركية المعابر المؤدية للمنطقة ، بحيث أصبحت طرق العودة محفوفة بجملة من المخاطر و مع تنامي صعوبات العودة على خلفية العراقيل المتزايدة من قبل أطراف الإدارة الذاتية وصلت إلى حد الإنتفاضة الشعبية بتاريخ 05/05/2018 تحت شعار ” إنتفاضة العودة ” بدعوة من النشطاء و منظمات المجتمع المدني ” منها منظمتنا ” بهدف تشجيع المهجرين قسراً على العودة رغم الظروف القاهرة و سلوك دروب شاقة و إنعدام المنظمات الإغاثية و الطبية لتقديم الخدمات الأساسية اللازمة مما أدى إلى فقدان عدد من المدنيين المسنين حياتهم في الطريق ، و إحتجاز الآلاف من أبناء عفرين في بلدتي نبل و الزهراء و زجهم في المخيمات الواقعة تحت قبضة الإدارة الذاتية ، بالمقابل كانت المنافذ الرسمية و الطرق الرئيسية المؤدية إلى منطقة عفرين تشهد تدفقاً كبيراً و تسهيلات جمة أمام وصول المستوطنين من الغوطة و دوما و القلمون التي تم تسوية أوضاعهم وفق إتفاقيات إقليمية و دولية ( إستانة _ سوتشي ) بهدف إبعاد المعارضة السورية _ المسلحة و السياسية _ عن دمشق و إزالة الضغط على النظام السوري إضافة إلى إستقدام أبناء محافظات حمص و حماه و دير الزور و ريف حلب لتوطينهم في المنطقة عوضاً عن السكان الأصليين الكُرد.
و بناءً على التصريحات و الوعود الأخيرة التي أدلى بها المدعو نصر الحريري رئيس الإئتلاف الوطني السوري و أعضاء وفده المرافق ، خلال زيارته إلى إقليم كردستان و تعهده أمام المسؤولين الحكوميين بالعمل على عودة أبناء عفرين إلى قراهم و إعادة منازلهم و ممتلكاتهم .
إننا في منظمة حقوق الإنسان في عفرين ندعو مرة أخرى ، كما دعينا سابقاً أبناء الشعب الكُردي في جياي كورمنج ” كورداغ ” المهجرين قسرا ، المحتجزين في منطقة الشهباء و المخيمات و القرى المحيطة بها بالعودة إلى قراهم رغم المخاطر الأليمة إلا أنها ليست كالتي يواجهونها اليوم في مخيمات الذل و العار ، و الوقوف بجانب أشقائهم المتواجدين بالمنطقة و التشبث بأرض الآباء و الأجداد و إستعادة منازلهم و أراضيهم و ممتلكاتهم و نحث سلطة أمر الواقع المتمثلة بالإدارة الذاتية بفك الحصار عن أبناء عفرين و السماح لهم بالعودة .
و نناشد منظومة الأمم المتحدة و القوى الدولية و مجلس حقوق الإنسان الدولية و منظمة العفو الدولية و المنظمات الحقوقية منها و الإنسانية و الحريات الدينية بتحمل مسؤولياتهم السياسية و الأخلاقية بالضغط على النظامين السوري و التركي و أدواتها بتأمين طرق العودة للسكان الأصليين الكُرد إلى المنطقة و الخلاص من جحيم منطقة الشهباء و تقديم المساعدات الإنسانية و الإغاثية لهم لتجاوز محنتهم هذه ، كما نطالب بوضع المناطق الكُردية المحتلة ( كُردستان سوريا ) تحت الحماية الدولية ريثما يتم حل الأزمة السورية تبعاً للقرار الدولي 2254 و تشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الذين أرتكبوا الجرائم البشرية بحق المواطنين الكُرد، كما نطالب بالضغط على حكومة الإحتلال التركي لإيقاف جرائمها اللاإنسانية و مشاريعها الإستيطانية التوسعية ذات النزعة العنصرية الشوفينية بحق السكان الأصليين الكُرد و إلغاء الإجراءات و القرارات اللاشرعية الهادفة إلى طمس الهوية القومية و الثقافية و الحضارية للشعب الكُردي في كُردستان سوريا و تعويض أبنائها عن الأضرار الناجمة جراء سياساتها العدوانية كما نطالب بالضغط على الحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني السوري بإعادة المسروقات لأصحابها من مركبات و غيرها من المقتنيات التي سرقتها عناصر ميلشياتها المسلحة ” الجيش الوطني السوري ” و كف اليد عن الإستيلاء على المنازل و الحقول و الأراضي الزراعية و نطالب بتسليم إدارة المناطق الكُردية إلى أبنائها الحقيقيين لإرساء الأمن والإستقرار بعيداً عن النظرة العنصرية الشوفينية.
منظمة حقوق الإنسان في عفرين
20/03/2021