إجتماع تشاوري

=========

بناء على طلب مجلس حقوق الإنسان في قرارية 44/21 و 45/31 المؤرخين في تموز / يوليو و تشرين الأول/ أكتوبر 2020 من لجنة تقصي الحقائق الدولية الخاصة بسوريا ، بإعداد تقرير عن الإعتقال و الإحتجاز التعسفين و الإختفاء القسري المقرر تقديمه للدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان في مارس المقبل 2021 , عقد إجتماعاً تشاورياً يوم الإثنين بتاريخ 15/02/2021 من خلال برنامج التواصل بالفيديو ، و بناء على طلب اللجنة بالتواصل مع المنظمة ممثلة بالسيدة لمعان خليل التي حضرت الجلسة و تلت رسالة المنظمة ، و تقديم التوصيات ، الجلسة عقدت برئاسة رئيس اللجنة السيد باولو سيرجيو بينيرو و المفوضة السيدة كارين كونينج أبو زيد و المفوض السيد هاني مجالي .

فيما يلي نص الرسالة التي ألقتها ممثلة المنظمة السيدة لمعان خليل في الإجتماع .

أركان و تحولات الثورة السورية

منذ إنطلاقة الثورة السورية 15 مارس 2011 و المطالبة بالحرية و الكرامة سرعان ما أتخذت طابعاً جماهيرياً و أنتشرت في مجمل الجغرافيا السورية خلال ستة أشهر ، لكن النظام السوري واجه الحراك السلمي بالقمع و القتل و الإعتقال و التعذيب الوحشي لإخماده ، و حسم الأمر بالحل العسكري و بالتالي عمد إلى بث الفتن و النعرات الطائفية و المذهبية إنطلاقاً من إفراغ السجون و إطلاق سراح أعضاء الحركة السلفية من سجن صيدنايا و الإيعاز بتشكيل حركة مقاومة ذو طابع إيديولوجي ديني ، و رفع شعارات إسلامية تكفيرية متشددة رافضة للدولة المدنية _ العلمانية و التوجه الديمقراطي و كما أُطلق سراح المعتقلين الكردُ المتهمين بالإنفصالية و الخيانة الوطنية ( تجاوزاً ) بعد إبرام الصفقات مع قادة تياراتهم الفكرية و الإيديولوجية بموجب عقد ” حريتهم الشخصية لقاء خدماتهم ” و أوكل لكل مجموعة مهمة محددة و تسليمها السلطة في المنطقة الخاضعة لسيطرتها لتكون بديلاً مؤقتا عن النظام السوري متبعين في أستراتيجيتهم الخطط المرسومة من قبل الدوائر الأمنية السورية ، و إتخاذ أية خطوة خارج الإطار المحدد فإن مآله ومصيره القتل والتصفية .
و كما شاهدنا تصفية أقرب المقربين من هرم السلطة ( خلية الأزمة ) عندما شعر بإتخاذهم خطوات مبهمة و القيام بزيارات إلى العواصم الإقليمية و إجراء الإتصالات الدولية و من هذا المنطلق تم وضع القوى الدولية في موقع الأختيار ما بين النظام السوري الذي يعتبر نفسه علمانياً ، أو نظام الخلافة الإسلامية المتسم بالإرهاب . هذه المعمعة جعلت بعض الدول الإقليمية إلى إغراق الساحة السورية بالإرهابيين العابرين للحدود ” القاعدة و مشتقاته جبهة النصرة هيئة تحرير الشام _ داعش ” و هذا ما جعل طرفي الصراع ( النظام _ المعارضة ) الحلقة الضعيفة في عملية إتخاذ القرارات وتحولها إلى دمى بيد القوى الدولية و الإقليمية ( تركيا _ إيران _ روسيا ) التي سيطرت على مجمل الجغرافيا السورية وفق مصالحها الإقتصادية و مشاريعها السياسية بعيداً عن هموم و مآسي الشعب السوري بمختلف مكوناته المتنوعة الفيسفسائية التي أصبحت مشكلة و محطة خلاف و تباين لدى التفكير بمستقبل التعايش السلمي في إختيار أطروحات الحل النهائي ( نظام الحكم برلماني _ اللامركزية الإدارية _ الفيدرالية ) و نتيجة التضارب في المصالح الخارجية تم إقصاء طرفي الصراع السوري . و تحول الساحة السورية إلى مناطق نفوذ ما بين تلك القوى الدولية و الإقليمية و دعم كل طرف منهم لمجموعة من السوريين الذين ينفذون قراراتهم و مشاريعهم و تأمين مصالحهم الإقتصادية .

و من هذا المنطلق يمكننا القول بأن الشارع الكُردي انقسم إلى طرفين :

الأول : انخرط ضمن الحراك السلمي السوري و التحالف مع معارضة النظام و المطالبة بتحقيق شعارات الثورة و تحقيق العدل و المساواة و تأمين الحقوق القومية المشروعة وفق العهود و المواثيق الدولية .

الثاني : أتخذ موقف العداء للحراك السلمي السوري إنطلاقاً من الإتفاقيات المعقودة مع النظام السوري و رفع شعارات آنية بعيدة عن الساحة الوطنية .

و قد بدا جلياً هذا الفرز من خلال التنسيقيات الداعية إلى التظاهر و العمل الثوري و تصفيةعدد من المؤثرين في الحراك الجماهيري ، لكن الإنتشار الجغرافي السلمي في المناطق الكُردية ( عفرين _ كوباني _ الباب _ منبج _ كرى سبي _ سرى كانية _ درباسية _ عامودا _ قامشلوا _ الحسكة _ ديريك ) جعل سلطة أمر الواقع _ المتمثل بحزب الإتحاد الديمقراطي السوري pyd و المتحالفين معهم _ تقمع الحراك و من خلال إحصائية تقديرية تم قمع 152 مظاهرة أُصيب من خلالها المئات من المشاركين في مختلف المناطق الكُردية ( كُردستان سوريا ) و ما زال قمعهم و ممارساتهم مستمرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

و من جهة أخرى قامت الميلشيات المسلحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني السوري الموالية للحكومة التركية على إرتكاب الجرائم اللاإنسانية بحق السكان الأصليين الكُرد و تضييق الخناق عليهم إقتصادياً و محاربتهم في لقمة العيش بغية إجبارهم على الرحيل و إحداث التغيير الديموغرافي و الإستيلاء على الممتلكات العامة و الخاصة و نهب المحاصيل الزراعية و القيام بعمليات القتل والخطف _ الإخفاء القسري _ لكل فئات و شرائح المجتمع الكُردي خاصة النساء منهم و قد أدلت عدد من النساء الكُرديات بمختلف مذاهبهم الدينية ( المسلمات _ الإيزيديات _ العلويات ) بشهادتهن أمام لجان التحقيق و تقصي الحقائق الدولية بينوا من خلالها فظاعة الجرائم و التعذيب الجسدي و النفسي و الجنسي التي تعرضن لهن في المعتقلات السرية من قبل المحققين الأتراك و عناصر الميلشيات المسلحة الموالية لهم و إجبار النساء على إرتداء لباس غير متعارف عليه بالعادات و التقاليد الكُردية و إقامة دورات دينية تكفيرية في المدارس بإشراف و توجيه من الإستخبارات التركية و تشجيعهم على الزواج من المستوطنين و نقل أعداد من المعتقلين إلى داخل الأراضي التركية و محاكمتهم بشكل تعسفي و كما تقوم قوات الأمن التركية بإعتقال عدد من الكُرد السوريين المقيمين على أراضيها ( بالرغم من تمتعهم في إطار قانون الحماية المؤقتة ) و زجهم في السجون والمعتقلات بحجج و أسباب واهية.

الإستنتاجات

1 _ من خلال التوثيقات التي قمنا بها حتى الآن كمنظمة حقوق الإنسان في عفرين من وقائع جرمية ، يمكننا القول من الناحية القانونية بأننا أمام جملة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين والتشريعات الدولية و بأن قوات الحكومة التركية تحتل جزء من أراضي دولة جارة ذات سيادة و عضوة في هيئة الأمم المتحدة حيث أن تركيا تمتلك السيطرة الفعلية التامة على المناطق الكُردية و تمتلك القوة الكافية لفرض الأمن و الإستقرار و حماية الأشخاص و الممتلكات ، كما أننا أمام دولة متخاذلة عن القيام بمسؤولياتها و واجباتها _ سوريا _ إتجاه إقتطاع جزء من أراضيها و فقدان السيادة عليها حيث لم تقم بالإجراءات المطلوبة منها بحماية المواطنين المنتمين لتلك المناطق لدى الآليات و الجهات المخولة بتطبيق القانون الدولي _ هيئة الأمم المتحدة .

2 _ طبيعة الوجود التركي في المناطق الكُردية هو إحتلال و بالتالي يترتب عليه جملة من المسؤوليات و الواجبات من منطلق خرقها القوانين الدولية و قيم حقوق الإنسان الأساسية من حق الحياة و التنقل و الصحة والتعليم و التملك و العمل و السلامة الشخصية من أمان و إستقرار .

3 _ إن التدخل التركي في الأراضي الكُردية السورية ( عفرين _ كرى سبي _ سرى كانية ) قائم على نوايا إستعمارية عنصرية في غاية الخطورة تستهدف عرقاً و جنساً أو مجموعة بشرية معينة بغرض الإبادة الجماعية و التطهير العرقي .

4 _ الكُرد شعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية في سوريا هم اليوم الهدف الأول و الأساسي للحكومة التركية التي تُوظف الجانب الديني في جذب المتطرفين و المتشددين الإسلاميين _ التكفيريين _ و تجمعهم حولها لتسخيرهم في تلك المهمة و تنعت الكُرد بالكفر و الإلحاد و الردة ولا سيما هناك شريحة من الكُرد الإيزيديين

5 _ تعمل الحكومة التركية على إحداث التغيير الديموغرافي من تهجير قسري و إرتكاب الجرائم العرقية و الإبادة الجماعية ، علماً بأن عدد السكان الأصليين الكُرد 98% في منطقة عفرين بينما اليوم نجد نسبتهم أقل من 30%

6 _ جميع المجموعات المسلحة بمختلف مسمياتها و تشكيلاتها هي موالية للحكومة التركية و تعمل لحسابها و تحت إمرتها و بتوجيه من الإستخبارات التركية .

التوصيات

و هنا يمكننا القول بأننا أمام حالة موصوفة من الجرائم المنصوصة عليها في القوانين والأنظمة النافذة و لا سيما القانون الدولي لحقوق الإنسان و بالدرجة الأولى جريمة إحتلال دولة لجزء من أراضي دولة جارة تتمتع بالسيادة و عضوة في منظمة الأمم المتحدة و جزء من المجتمع الدولي بالرغم من إلحاق أراض كُردية إليها بموجب إتفاقيات سابقة منذ أكثر من مئة عام ( سايكس _ بيكو ) و بأن شروط الإحتلال متوفر بالوصف الوارد ضمن المادة 42 من إتفاقية لاهاي لعام 1907 ، ذلك بسبب تحكم الحكومة التركية و سيطرة قواتها العسكرية بمرافقة الميلشيات الموالية لها على المناطق الكردية ( سرى كانية _ كرى سبي _ عفرين ) . و بناءً على ذلك فإن الحكومة التركية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن توفير الأمن و الإستقرار و حماية السكان الأصليين للمنطقة من الكُرد و تأمين الحماية للمرافق العامة و تقديم الخدمات اللازمة لضمان إستمرارية العيش المريح .
و لهذا فإننا نحملها مسؤولية تلك الممارسات و الإنتهاكات اللاإنسانية أمام القانون الدولي الإنساني منها و الحقوقي . و كما نناشد الجهات الدولية المعنية و الآليات التابعة لها القيام بما يلي :

أولاً _ نتقدم لكم بجزيل الشكر ( لجنة تقصي الحقائق الدولية الخاصة بسوريا ) حول التقرير المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في الدورة 45 المنعقدة بتاريخ 14 سبتمبر و لغاية 02 أكتوبر 2020 بما تضمن من وقائع وأحداث تخص المناطق الكُردية خاصة منها منطقة عفرين و كذلك الإشارة إلى ما قامت به قوات قسد بحق المواطنين الكُرد في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها ، و من خلال سيادتكم الموقرة نتوجه بالشكر إلى السيد غير بيدرسون المبعوث الدولي الخاص بالأزمة السورية و السيد أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة و غيرها من الآليات المرتبطة بها و الحث على إتخاذ الإجراءات الرادعة اللازمة لوقف الإنتهاكات و الجرائم اللاإنسانية التي ترتكبها الحكومة التركية و إلزامها بإحترام القوانين الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، و في حال إستمرارية خرقها للقوانين والأنظمة النافذة بضرورة اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة نتيجة تشكيلها الخطر على الأمن و السلم الأهلي الدوليين .

ثانياً _ تطبيق القوانين الدولية من أجل تحقيق أسس و عوامل الأمن و الإستقرار و الحياة المعيشية المريحة للسكان الأصليين للمنطقة من الكُرد و تأمين الطرق الآمنة لعودتهم من المناطق المهجرة إليها قسراً بغية إيقاف عملية التغيير الديموغرافي و التركيبة السكانية لأهالي المنطقة خاصة المحتجزين منهم بشكل رهائن في مخيمات مناطق الشهباء التي تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية الخاضعة و الموالية لسلطة الحكومة السورية ، و وضع حد لمخططات التجنيد القسري الممنهج من قبل تلك الإدارة و إخضاع المخطوفين من الأطفال القصر و الفتايات للدورات العقائدية و العسكرية من أجل إلحاقهم بساحات المعارك سواء كان ضد قوات المعارضة أو التنظيمات الإرهابية مثل هيئة تحرير الشام ” جبهة النصرة سابقاً ” و الدولة الإسلامية ” داعش “

ثالثاً _ المطالبة بدخول اللجان الدولية لتقصي الحقائق و المنظمات الدولية الحقوقية منها و الإنسانية و الإعلام المرئي والمسموع و الصحافة العالمية إلى المناطق الكُردية لفرض الأمن و الإستقرار و إبعاد كافة أشكال الخوف و الترهيب و مظاهر التسليح و إلغاء كافة الإجراءات المتخذة الهادفة إلى طمس الهوية الثقافية و الحضارية للكُرد في المنطقة من تعريب و تتريك و تدمير البنية التحتية الإقتصادية و تجريف التربة و نبش القبور و سرقة الآثار .

رابعاً _ المطالبة بوضع المناطق الكُردية ( كُردستان سوريا ) خاصة عفرين منها ، تحت الحماية الدولية ريثما يتم حل النزاع السوري تبعاً للقرار الدولي 2254 و العمل على تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة بسوريا لملاحقة مجرمي الحرب و كل من شاركت قواته في خطف و تعذيب و قتل السوريين و هدر دمائهم بعربه و كرده سواء كانوا من السوريين أو من الجنسيات الأخرى .

منظمة حقوق الإنسان في عفرين
15/02/2021