مر على الشعب السوري بمختلف مكوناته العرقية عدة حكومات و معارضات وطنية ، و من أطياف مختلفة منذ تشكيل الدولة السورية ، إلا أن النظام السوري الحاكم و المعارضة الحالية مستثناة عما سبق من حيث المواقف التي تميز عنصريتها و شوفينيتها و عدم الشعور بالإنتماء الوطني لبلد كافح مناضليه أعتى الغزوات الإستعمارية و عُلقت مشانقهم في الساحات العامة و قدمت دمائها الطاهرة الذكية من أجل بناء الوطن في نيل الحرية و الإستقلال .
التعميم الصادر عن وزارة العدل التابعة للنظام السوري بخصوص الكُرد الإيزيديين .
الإيزيديين مجموعة عرقية كُردية دينية ينتشرون في عموم أجزاء كُردستان صلواتهم و طقوسهم الدينية بلغتهم الأم ” الكُردية” إذ تعرض الإيزديين عبر التاريخ لأكثر من 70 حملة إبادة جماعية شنتها الأنظمة الحاكمة آخرها تنظيم داعش الإرهابي في شنكال ” إقليم كُردستان” خلال شهر آب 2014 و قُتل أكثر من ثلاثة آلاف كُردي إيزيدي و خُطف ما يقارب الخمسة آلاف مصير البعض منهم مجهولاً حتى الآن ، و تشريد حوالي 400 ألف من ديارهم و كذلك تعرض نسائهم للإغتصاب و البيع كسبايا في أسواق النخاسة بمدينة الموصل و نينوى و الرقة و دير الزور و غيرها من المدن ، و في سوريا يقدر عددهم بحوالي 50 _ 60 ألف مواطن كُردي، تعرض الكُرد الإيزيديين إلى التمييز العنصري الشوفيني مثل باقي الكُرد من خلال إنكار وجودهم القومي و تجاهل خصوصيتهم الدينية في النظم القانونية مثل باقي الأديان ” المسيحية _ اليهودية _ الدرزية ” و إخضاعهم للمحاكم الشرعية الإسلامية بموجب المادة 306 حسب قانون الأحوال الشخصية رقم 59 لعام 1953، و ذلك خلافاً للمواد 307 _ 308 لباقي الديانات ، في حين الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من قانون الأحوال الشخصية تشير إلى أن ” الطوائف الدينية مصونة و مرعية ” . و لكن التعميم الصادر عن وزارة العدل تحت رقم 7 بتاريخ 14/02/2021 يؤكد ما هو منصوص عليه سابقاً في المادة 306 دون تعديل بالقانون بل قسمت الكُرد من أبناء الطائفة الإيزيدية بين المحاكم الشرعية للمجنسين السوريين و المحاكم المدنية و أحكامها للمجردين من الجنسية بموجب قانون الإحصاء الإستثنائي لعام 1962 .
و لهذا فإننا نطالب بتعديل القانون و الإعتراف الدستوري بالديانة الإيزيدية وخصوصيتها الدينية توافقاً مع المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ” بأن الناس جميعاً سواء أمام القانون و هم يتساوون في هذا التمتع بحماية القانون دون تمييز كما يتساوون في هذا التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان و من أي تحريض على مثل هذا التمييز “
كما نشير من جهة أخرى إلى أن المعارضة السورية المتمثلة بالحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني السوري و الجهات الإعلامية التابعة لها المرئية و المسموعة و المقروءة منها ، الموالية لحكومة الإحتلال التركي ، لا تقل عنصريتها و شوفينيتها عن النظام السوري ، بالرغم من عدم تحكمها بشكل فعلي على المناطق الخاضعة لسيطرتها ، و من خلال برنامج تلفزيوني على قناة حلب اليوم ” جولات ” عبر القرى الكُردية التابعة لمنطقة عفرين ، يقدمها المذيع مصطفى عبدالله يحاول بكل السبل إلى جعل المنطقة تركية الأصل و نفي و تشويه التاريخ الحضاري للشعب الكُردي في روج آفا كُردستان و تغيير ديمغرافيتها و الإدعاء بأن السكان الأصليين الكُرد هاجروا سابقاً من الأراضي التركية منذ أربعة قرون دون ذكر بأن تلك الأراضي سابقاً كانت تشكل الشمال السوري ” الأراضي المغتصبة ” وفق الخرائط السورية لغاية منتصف السبعينيات من القرن الماضي ، هي بالأصل مناطق كُردية” اورفه _ ديار بكر _ مرعش _ باطمان _ نصيبين ) و هذا الإدعاء يشكل بحد ذاته رد على أصوات النشاذ من القومجيين العرب الذين يدعون بأن مجيئ الكُرد منذ عشرات السنين ( خلال فترة السبعينيات و الثمانينات من القرن الماضي ) و من ضمن جولاته مر بعدة قرى منها ( كوندي مازن _ جولاقا _ كفرشيلة _ كفرزيت _ شيخ عبد الرحمن _ دمليو _ بعدينا _ خازيان فوقاني و تحتاني _ معملا أوشاغي _ عرب أوشاغي _ عين دارة _ قرزيحل _ جوقة ) دون التطرق إلى عمليات السرقة و النهب خلال السنوات الأخيرة التي طالت الآثار التاريخية الحضارية للمنطقة منها الأسد البازلتي في عين دارة و اللوحات الفيسفسائية في قلعة النبي هوري و نهب المحاصيل و المواسم الزراعية من قبل الحكومة التركية من خلال إجبار السكان الأصليين الكُرد على بيع زيت الزيتون للتجار الأتراك و سلبه من قبل عناصر الميلشيات المسلحة و من ضمن لقاءاته مع أحد المستوطنين قوله بأن الوضع المعيشي للسكان الأصليين الكُرد أصعب من وضعهم و ذكره بالأخص عندما يتم توزيع السلات الإغاثية دون إستطاعة الكُرد الحصول عليها لأسباب لم يذكرها .
و هنا لا بد أن نذكر الجهات الإعلامية التابعة للحكومة السورية المؤقتة و الإئتلاف الوطني السوري بأن يعملوا على توجيه إعلامهم إلى تغطية المناطق التي تنتشر فيها الحسينيات الشيعية الإيرانية بدعم من النظام السوري و جعل المنطقة فارسية و إثبات وطنيتهم بالإنتماء للدولة السورية بدلاً من العمل على تتريك و تعريب المنطقة الكُردية السورية على إمتداد الحدود في الشمال .
لهذا نطالب الجهات المسؤولة على نقل الحقائق دون تزييف و الإحساس بالمسؤولية الوطنية بالحد الأدنى بدلاً من التغني بإعادة أمجاد الدولة العثمانية و عدم نسيان ما فعلت بالثوار السوريين في الساحات العامة ، أو إيقاف البرنامج في حال عدم الإستطاعة بنقل الوقائع اليومية لحياة السكان الأصليين الكُرد بما يلاقونه من ممارسات و إنتهاكات يومية تقوم بها الميلشيات المسلحة بتوجيه من حكومة الإحتلال التركي .
منظمة حقوق الإنسان في عفرين
01/03/2021